فصل: تفسير الآيات (97- 98):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (94):

{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال: قال النضر بن الحارث: سوف تشفع لي اللات والعزى، فنزلت {ولقد جئتمونا فرادى} الآية كلها.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عائشة. أنها قرأت قول الله: {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة} فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله واسوأتاه... ! إن الرجال والنساء سيحشرون جميعاً ينظر بعضهم إلى سوأة بعض؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، لا ينظر الرجال إلى النساء ولا النساء إلى الرجال، شغل بعضهم عن بعض».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله: {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة} قال: كيوم ولد، يرد كل شيء نقص منه من يوم ولد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه «سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول: إذا كان يوم القيامة حشر الناس حفاة عراة غرلاً».
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله: {وتركتم ما خوّلناكم} قال: من المال والخدم {وراء ظهوركم} قال: في الدنيا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال: يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذخ فيقول له تبارك وتعالى: أين ما جمعت؟ فيقول له يا رب جمعته وتركته أوفر ما كان فيقول: فأين ما قدمت لنفسك؟ فلا يراه قدم شيئاً، وتلا هذه الآية {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم}.
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن بريدة رضي الله عنه قال: كان عند ابن زياد أبو الأسود الديلمي وجبير بن حية الثقفي، فذكروا هذا الحرف {لقد تقطع بينكم} فقال أحدهما: بيني وبينك أول من يدخل علينا، فدخل يحيى بن يعمر، فسألوه فقال: بينكم بالرفع.
وأخرج أبو الشيخ عن الأعرج أنه قرأ {لقد تقطع بينكم} بالرفع يعني وصلكم.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ {لقد تقطع بينكم} بالنصب أي ما بينكم من المواصلة التي كانت بينكم في الدنيا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {لقد تقطع بينكم} قال: ما كان بينهم من الوصل.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عكرمة قال: لما تزوج عمر رضي الله عنه أم كلثوم رضي الله عنها بنت علي اجتمع عليه أصحابه فباركوا له دعوا له، فقال: لقد تزوجتها وما بي حاجة إلى النساء، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي، فاحببت أن يكون بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم نسب».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون} يعني الأرحام والمنازل.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {لقد تقطع بينكم} قال: تواصلكم في الدنيا.

.تفسير الآية رقم (95):

{إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فالق الحب والنوى} يقول: خلق الحب والنوى.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فالق الحب والنوى} قال: يفلق الحب والنوى عن النبات.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فالق الحب والنوى} قال: الشقان اللذان فيهما.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله: {فالق الحب والنوى} الشق الذي في النواة والحنطة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {فالق الحب والنوى} قال: فالق الحبة عن السنبلة، وفالق النواة عن النخلة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله: {يخرج الحي من الميت} قال: النخلة من النواة والسنبلة من الحبة {ومخرج الميت من الحي} قال: النواة من النخلة والحبة من السنبلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي} قال: الناس الأحياء من النطف والنطفة ميتة تخرج من الناس الأحياء، ومن الأنعام والنبات كذلك أيضاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فأنى تؤفكون} قال: كيف تكذبون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {فأنى تؤفكون} قال: أنى تصرفون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {فأنى تؤفكون} قال: كيف تضل عقولكم عن هذا.

.تفسير الآية رقم (96):

{فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فالق الإصباح} قال: خلق الليل والنهار.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فالق الإصباح} قال: يعني بالاصباح ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {فالق الإصباح} قال: اضاءة الفجر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قوله: {فالق الإصباح} قال: فالق الصبح.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك في قوله: {فالق الإصباح} قال: فالق النور نور النهار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وجاعل الليل سكناً} قال: يسكن فيه كل طير ودابة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {والشمس والقمر حسباناً} يعني عدد الأيام والشهور والسنين.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {والشمس والقمر حسباناً} قال: يدوران في حساب.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {حسباناً} قال: ضياء.
وأخرج أبو الشيخ عن الربيع في قوله: {والشمس والقمر حسباناً} قال: الشمس والقمر في حساب، فإذا خلت أيامها فذلك آخر الدهر، وأول الفزع الأكبر.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة بسند واهٍ عن ابن عباس قال: خلق الله بحراً دون السماء بمقدار ثلاث فراسخ، فهو موج مكفوف قائم في الهواء بأمر الله لا يقطر منه قطرة، جار في سرعة السهم تجري فيه الشمس والقمر والنجوم، فذلك قوله: {كل في فلك يسبحون} [ الأنبياء: 33] والفلك دوران العجلة في لجة غمر ذلك البحر، فإذا أحب الله أن يحدث الكسوف خرت الشمس عن العجلة فتقع في غمر ذلك البحر، فإذا أراد أن يعظم الآية وقعت كلها فلا يبقى على العجلة منها شيء، وإذا أراد دون ذلك وقع النصف منها أو الثلث أو الثلثان في الماء، ويبقى سائر ذلك على عجلة، وصارت الملائكة الموكلون بها فرقتين، فرقة يقبلون على الشمس فيجرونها نحو العجلة، وفرقة يقبلون إلى العجلة فيجرونها إلى الشمس، فإذا غربت رفع بها إلى السماء السابعة في سرعة طيران الملائكة وتحبس تحت العرش فتستأذن من أين تؤمر بالطلوع، ثم ينطلق بها ما بين السماء السابعة وبين أسفل درجات الجنان في سرعة طيران الملائكة، فتنحدر حيال المشرق من سماء إلى سماء، فإذا وصلت إلى هذه السماء فذلك حين ينفجر الصبح، فإذا وصلت إلى هذا الوجه من السماء فذلك حين تطلق الشمس قال: وخلق الله عند المشرق حجاباً من الظلمة فوضعها على البحر السابع مقدار عدة الليالي في الدنيا منذ خلقها الله إلى يوم القيامة، فإذا كان عند غروب الشمس أقبل ملك قد وكل بالليل، فقبض قبضة من ظلمة ذلك الحجاب ثم يستقبل الغرب، فلا يزال يرسل تلك الظلمة من خلل أصابعه قليلاً قليلاً وهو يراعي الشفق، فإذا غاب الشفق أرسل الظلمة كلها، ثم ينشر جناحيه فيبلغان قطري الأرض وكنفي السماء، فتشرق ظلمة الليل بجناحيه فإذا حان الصبح ضم جناحه، ثم يضم الظلمة كلها بعضها إلى بعض بكفيه من المشرق، ويضعها على البحر السابع بالمغرب.
وأخرج أبو الشيخ بسند واه عن سلمان قال: الليل موكل به ملك يقال له شراهيل: فإذا حان وقت الليل أخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب، فإذا نظرت إليها الشمس وجبت في أسرع من طرفة العين، وقد أمرت الشمس أن لا تغرب حتى ترى الخرزة، فإذا غربت جاء الليل فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيء ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع، فإذا رآها شراهيل مد إليه خرزته، وترى الشمس الخرزة البيضاء فتطلع وقد أمرت أن لا تطلع حتى تراها، فإذا طلعت جاء النهار.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب عباد الله إلى الله الذين يراعون الشمس والقمر لذكر الله».
وأخرج الخطيب في كتاب النجوم عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «أحب عباد الله إلى الله رعاء الشمس والقمر، الذين يحببون عباد الله إلى الله ويحببون الله إلى عباده».
وأخرج ابن شاهين والطبراني والحاكم والخطيب عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والاظلة لذكر الله».
وأخرج أحمد في الزهد والخطيب عن أبي الدرداء قال: إن أحب عباد الله إلى الله لرعاة الشمس والقمر.
وأخرج الحاكم في تاريخه والديلمي بسند ضعيف عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: التاجر الامين، والإِمام المقتصد، وراعي الشمس والنهار».
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد عن سلمان الفارسي قال: سبعة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله: رجل لقي أخاه فقال: إني أحبك في الله وقال الآخر مثل ذلك، ورجل ذكر الله ففاضت عيناه من مخافة الله، ورجل يتصدق بيمينه يخفيها من شماله، ورجل دعته أمراة ذات حسب وجمال إلى نفسها فقال إني أخاف الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد من حبها، ورجل يراعي الشمس لمواقيت الصلاة، ورجل إن تكلم تكلم بعلم وإن سكت سكت على حلم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مسلم بن يسار قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم فالق الأصباح، وجاعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً، اقضِ عني الدين، وأغنني من الفقر، وأمتعني بسمعي وبصري، وقوّني في سبيلك».

.تفسير الآيات (97- 98):

{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)}
أخرج ابن أبي حاتم عن عباس في قوله: {وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر} قال: يضل الرجل وهو الظلمة والجور عن الطريق.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والخطيب في كتاب النجوم عن عمر بن الخطاب قال: تعلموا من النجوم ما تهتدون به في بركم وبحركم ثم امسكوا، فإنها والله ما خلقت إلا زينة للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يهتدى بها، وتعلموا من النسبة ما تصلون به أرحامكم، وتعلموا ما يحل لكم من النساء ويحرم عليكم ثم امسكوا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والخطيب في كتاب النجوم عن قتادة قال: إن الله إنما جعل هذه النجوم لثلاث خصال: جعلها زينة للسماء، وجعلها يهتدي بها، وجعلها رجوماً للشياطين، فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال رأيه، وأخطأ حظه، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به، وإن ناساً جهلة بأمر الله قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة، من أعرس بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا، ومن سافر بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا، ولعمري ما من نجم إلا يولد به الأحمر والأسود والطوير والقصير والحسن والدميم، ولو أن أحداً علم الغيب لعلمه آدم الذي خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء.
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر ثم انتهوا».
وأخرج الخطيب عن مجاهد قال: لا بأس أن يتعلم الرجل من النجوم ما يتهتدي به في البر والبحر، ويتعلم منازل القمر.
وأخرج ابن أبي حاتم والمرهبي في فضل العلم عن حميد الشامي قال: النجوم هي علم آدم عليه السلام.
وأخرج المرهبي عن الحسن بن صالح قال: سمعت عن ابن عباس أنه قال: ذلك علم ضيعه الناس النجوم.
وأخرج الخطيب عن عكرمة. أنه سأل رجلاً عن حساب النجوم وجعل الرجل يتحرج أن يخبره؟ فقال: عكرمة: سمعت ابن عباس يقول: علم عجز الناس عنه، وددت أني علمته! قال الخطيب: مراده الضرب المباح الذي كانت العرب تختص به.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد الله بن حفص قال: خصت العرب بخصال بالكهانة والقيافة والعيافة والنجوم والحساب، فهدم الإِسلام الكهانة وثبت الباقي بعد ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن القرظي قال: والله ما لأحد من أهل الأرض في السماء من نجم ولكن يتبعون الكهنة، وْيتخذون النجوم علة.
وأخرج أبو داود والخطيب عن سمرة بن جندب أنه خطب، فذكر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أما بعد فإن ناساً يزعمون أن كسوف الشمس، وكسوف هذا القمر، وزوال هذه النجوم عن مواضعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض، وإنهم قد كذبوا ولكنها آيات من آيات الله يعتبر بها عباده لينظر من يحدث له منهم توبة».
وأخرج الخطيب عن عمر بن الخطاب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تسألوا عن النجوم، ولا تفسروا القرآن برأيكم، ولا تسبوا أحداً من أصحابي، فإن ذلك الايمان المحض».
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن علي قال: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النظر في النجوم، وأمرني باسباغ الطهور».
وأخرج ابن مردويه والمرهبي والخطيب عن أبي هريرة قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النظر في النجوم».
وأخرج الخطيب عن عائشة قالت «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النظر في النجوم».
وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية والخطيب عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ذكر أصحابي فامسكوا، وإذا ذكر القدر فامسكوا، وإذا ذكر النجوم فامسكوا».
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والخطيب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخاف على أمتي خصلتين: تكذيباً بالقدر وتصديقاً بالنجوم، وفي لفظ: وحذقا بالنجوم».
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «من اقتبس علماً من النجوم أقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة والخطيب عن ابن عباس قال: إن قوماً ما ينظرون في النجوم ويحسبون ابراجاً، وما أرى الذين يفعلون ذلك من خلاق.
وأخرج الخطيب عن ميمون بن مهران قال: قلت لابن عباس أوصني. قال: أوصيك بتقوى الله وإياك وعلم النجوم فإنه يدعو إلى الكهانة، وإياك أن تذكر أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بخير فَيُكِبُّكَ الله على وجهك في جهنم فإن الله أظهر بهم هذا الدين، وإياك والكلام في القدر فإنه ما تكلم فيه اثنان إلا اثماً أو اثم أحدهما.
وأخرج الخطيب في كتاب النجوم بسند ضعفه عن عطاء قال: قيل لعلي بن أبي طالب: هل كان للنجوم أصل؟ قال: نعم، كان نبي من الأنبياء يقال له يوشع بن نون. فقال له قومه: انا لا نؤمن بك حتى تعلمنا بدء الخلق وآجاله، فأوحى الله تعالى إلى غمامة فأمطرتهم، واستنقع على الجبل ماء صافياً، ثم أوحى الله إلى الشمس والقمر والنجوم أن تجري في ذلك الماء، ثم أوحى إلى يوشع بن نون أن يرتقي هو وقومه على الجبل، فارتقوا الجبل فقاموا على الماء حتى عرفوا بدء الخلق وآجاله، بمجاري الشمس والقمر والنجوم، وساعات الليل والنهار، فكان أحدهم يعلم متى يموت، ومتى يمرض، ومن ذا الذي يولد له، ومن ذا الذي لا يولد له.
قال: فبقوا كذلك برهة من دهرهم، ثم إن داود عليه السلام قاتلهم على الكفر، فأخرجوا إلى داود في القتال من لم يحضر أجله، ومن حضر أجله خلفوه في بيوتهم، فكان يقتل من أصحاب داود ولا يقتل من هؤلاء أحد، فقال داود رب ها أنا أقاتل على طاعتك ويقاتل هؤلاء على معصيتك، فيقتل أصحابي ولا يقتل من هؤلاء أحد؟! فأوحى الله إليه: أني كنت علمتهم بدء الخلق وآجاله، وإنما أخرجوا إليك من لم يحضر أجله، ومن حضر أجله خلفوه في بيوتهم، فمن ثم يقتل من أصحابك ولا يقتل منهم أحد.
قال داود: يا رب على ماذا علمتهم؟ قال: على مجاري الشمس والقمر والنجوم، وساعات الليل والنهار، فدعا الله فحبست الشمس عليهم، فزاد في النهار فاختلطت الزيادة بالليل والنهار، فلم يعرفوا قدر الزيادة فاختلط عليهم حسابهم. قال علي رضي الله عنه: فمن ثم كره النظر في النجوم.
وأخرج المرهبي في فضل العلم عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: لما فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم خيبر دعا بقوسه واتكأ على سيتها، وحمد الله وذكر ما فتح الله على نبيه ونصره، ونهى عن خصال عن مهر البغي، وعن خاتم الذهب، وعن المياثر الحمر، وعن لبس الثياب القسي، وعن ثمن الكلب، وعن أكل لحوم الحمر الأهلية، وعن الصرف الذهب بالذهب والفضة بالفضة بينهما فضل، وعن النظر في النجوم.
وأخرج المرهبي عن مكحول قال: قال ابن عباس: لا تُعَلِمْ النجوم فانها تدعوا إلى الكهانة.
وأخرج ابن مردويه من طريق الحسن عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لقد طهر الله هذه الجزيرة من الشرك ما لم تضلهم النجوم».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن متعلم حروف أبي جاد وراء في النجوم ليس له عند الله خلاق يوم القيامة».
أما قوله تعالى: {وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة}.
أخرج ابن مردويه عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نصب آدم بين يديه ثم ضرب كتفه اليسرى، فخرجت ذريته من صلبه حتى ملأوا الأرض».
قوله تعالى: {فمستقر ومستودع}.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس في قوله: {فمستقر ومستودع} قال: المستقر ما كان في الرحم، والمستودع ما استودع في أصلاب الرجال والدواب.
وفي لفظ: المستقر ما في الرحم وعلى ظهر الأرض وبطنها مما هو حي ومما قد مات. وفي لفظ: المستقر ما كان في الأرض، والمستودع ما كان في الصلب.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود في قوله: {فمستقر ومستودع} قال: مستقرها في الدنيا ومستودعها في الآخرة.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود قال: المستقر الرحم، والمستودع المكان الذي تموت فيه.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن مسعود قال: إذا كان أجل الرجل بأرض أتيحت له إليها الحاجة، فإذا بلغ أقصى أثره قبض. فتقول الأرض يوم القيامة: هذا ما استودعتني.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن وقتادة في قوله: {فمستقر ومستودع} قالا: مستقر في القبر، ومستودع في الدنيا أوشك أن يلحق بصاحبة.
وأخرج أبو الشيخ عن عوف قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنبئت بكل مستقر ومستودع من هذه الأمة إلى يوم القيامة كما علم آدم الأسماء كلها».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: من اشتكى ضرسه فليضع يده عليه وليقرأ {وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة} الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم {فمستقر} بنصب القاف.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: أتزوجت؟ قلت لا، وما ذاك في نفسي اليوم. قال: إن كان في صلبك وديعة فستخرج.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {قد فصلنا الآيات} يقول: بينا الأيات {لقوم يفقهون}.